.

 

حدق في الأفق..

لم يكن سوى البكاء..

لم يكن يدرك شيئاً وأنى له أن يدرك، وهو لم يرى الدنيا سوى من بضعة أشهرٍ فقط..

وكان هناك من ترجل من سيارته وهو يحوقل ويسترجع، عندما رأى الأشلاء متناثرة على طول الطريق.

أقترب لبذل أي مساعدة أو إسعاف مصاب، لكن لم يكن سوى طفلٍ رضيع شق البكاء حلقه، وهو يجهش في أسى لا يدري ما حدث وجثتا والديه سحقهما الحادث..

رفع الصغير وهو يهدهده بين ذراعيه..

تأمل في قسمات وجهه البريئة، والحزن يعتصره عصرا..

أغرقه وهو يقبله بدموعه..

أي مستقبلٍ ينتظرك أيها الصغير..

من سيحنو عليك..

ربما كان موتك مع أبويك أرحم لك من دنيا لا ترحم..

سبحانك يا الله...!!

لم يدر كيف تمكنت محبة ذلك من قلبه، وهو لا يُعرفُ إلا بالشدة والقسوة مع أبنائه..

غمرته السعادة حينما أخبره أحد ضباط الأمن موافقتهم على ضمه إليه وكفالته، لحين عثورهم على أقاربه..

مرت الأيام والسعادة ترفرف على ذلك البيت، تغيرت حياته كثيراً، وتحسنت أحواله المادية..

تغيرت أخلاقه وصار الأب الحنون لكل أنبائه، وكأنها معجزة حلت بداره...

صار أكثر هدوءً وطمأنينة..

كان دائم التأمل والبكاء..

تغرق عيناه من دموعه المتأرجحة..

وهو ينشد أمل الرفقة..